يجمع علماء النفس على أن التشجيع ياتي بنتائج طيبة للغاية ، حتى مع أشد الناس غلظة وأكثرهم كبرياء ، وليعلم المربون ان الزجر والضرب مثل الإسراف في السخرية والنقد للما يردعان الأبناء ، أو يقومان ما فيهم من خطأ أو اعوجاج ، بل أن هذه الوسائل التقليدية كثيرا ً ما تولد في أنفسهم عقدا ً تؤثر تأثيرا ً سيئا ً في سلوكهم ،أو تلحق بمستقبلهم أضرارا ً كون بالغة في كثيرمن الأحيان ،فعلينا أن نقدر النجاح مهما كان ضئيل الشأن فيمن حولنا من الناس ، وأن نعمل عل ابراز مواهبهم ،وتنمية امكانياتهم بما نبثه في نفوسهم من أسباب العطف والرعاية ،وما نزجيه إليهم من كلمات الا ستحسان ,,والتشجيع فنحفزهم بذلك دون مشقة أوارهاق إلى التفاني في العمل ...
واتقانه والحرص عل بذل كل جهد مستطاع ، وبهذا نأخذ بأيديهم إلى طريق المجد والواقع أننا لو عرفنا كيف نستخرج الكنوز المخبأة في عقول الأشخاص الذين نتعامل معهم أو هؤلاء الذين نتولى ارشادهم وتوجيههم في الحياة ،
واتقانه والحرص عل بذل كل جهد مستطاع ، وبهذا نأخذ بأيديهم إلى طريق المجد والواقع أننا لو عرفنا كيف نستخرج الكنوز المخبأة في عقول الأشخاص الذين نتعامل معهم أو هؤلاء الذين نتولى ارشادهم وتوجيههم في الحياة ،
لاستطعنا في غير عناء أن نؤثر في سلوكهم وفي مستوى كفاءتهم ، وفي قدرتهم على العمل والإنتاج ، بل أننا لنستطيع أن نجعلهم ياتون بالمعجزات والحياة زاخرة بالشواهد التي تدعم صدق هذا الرأي..
في القرن الماضي كان شاب من أهالي مدينة لندن يتمنى من أعماق نفسه أن يكون أديبا ًغير أن كل شيء من حوله
كان يسير على غير ما يشتهي ، فلم يستطيع أن ينال قسطا ًمن الثقافة العالية فقر والديه ، إذ حكم على أبيه بالسجن من جراء عجزه عن سداد ما عليه من الديون وكاد الفتى أن يموت جوعا ً لولا أن وفق بعد جهد جهيد إلى عمل متواضع في مصنع للأدوية كان ينحصر في لصق البطاقات على الزجاجات ، فكان يؤدي عمله في مخزن قذر مملوء بالجرذان وينام في غرفة حقيرة على سطح البناء ، ي شاركه فيها اثنان من أشرار لندن ، كانا يستهزئان به كلما حدثهما عن الأدب ، أو شرع يكتب مقالا ً أو يؤلف قصة ، حتى كاد يدركه اليأس وأصبح قليل الثقة في نفسه !
لكن صديقا ً من أصدقاء والد هذا الشاب كان يأخذ بيده ويشجعه على المضي في الكتابة وكان يوقظ في نفسه اسباب الثقة والطموح ، ويوحى إليه أنه يتوسم فيه مواهب أدبية ممتازة فكان من أثر هذا التشجيع أن عكف الفتى على الكتابة والتأليف في ساعات راحته ثم أخذ يبعث بانتاجه إلى المجلات ودور النشر بطريق البريد ، غير أن مقالات الشاب وقصصه كانت لسوء الحظ لا تلقى قبولا ً لدى الناشرين ، وتقابل دائما ً بالرفض والإهمال وبدأ اليأس يتسرب إلى نفسه ، لكن صديق والده ظل يشجعه ويحفزه إلى مواصلة السعي وينصحه بالصبر والمثابرة وأرسل الشاب اخيرا ً قصة إلى أحد الناشرين لاقت قبولا ً لديه فنشرها له ، وأرسل إليه رسالة عبر له فيها عن تقديره لأدبه وأثنى على جهوده ونبوغه ، فكان ذلك اليوم أسعد يوم في حياته ، وما أن نشرت القصة حتى كتب عنها النقاد وأبدوا إعجابهم بها وكتب كثير منهم رسائل تقدير واعجاب ، فترك الشاب عمله المتواضع في مخزن الأدوية وتفرغ للكتابة فأولاها مزيدا ً من جهده وعنايته ، وأخذت مؤلفاته تظهر تباعا ًوتلقى من الإعجاب والتقدير ما أذاع صيته في الآفاق ، لما فيها من دقة الوصف ومتانة الاسلوب وعمق الفكرة وطرافة الموضوع
وهذا الكاتب ، هو الروائي العظيم تشارلز ديكنز
وفي الربع الأخير من القرن الماضي
كان شاب آخر من سكان لندن يعمل بائعا ً في متجر لبيع الأقمشة وكان عليه أن يستيقظ في الساعة الخامسة من كل صباح كي يذهب المتجر لينظفه قبل موعد الافتتاح ، وكان يعمل 14 ساعة في اليوم !
وضاق الشاب أخيرا ً بهذا الارهاق الذي لايحتمل ، فخرج من بيته ذات صباح دون أن يتناول طعام افطاره ،
وقد انتابته أزمة نفسية قاسية , وتملكه يأس قاتل ، وسار على قدميه مسافة تزيد على ثلاثين ميلا ً حتى بلغ بيت والدته التي كانت تعمل مربية عند أحد الأثرياء .. فلما لقيها أخذ يبثها شكواه ، ويبكي بكاء مريرا ً ، وهو يغمغم قائلا ً في صوت متقطع الأنفاس : سوف أنتحر سوف أنتحر يا أماه إذا ما أرغمت على العودة إلى متجر القماش
فأجابته أمه : افعل ما شئت ، فلم تعد طفلا ً صغيرا ً حتى أعنى بأمرك فأرسل الشاب إلى أحد أساتذته السابقين بالمدرسة رسالة إضافية يقول له فيها :إنه قد ضاق ذرعا ً بالحياة لأن شؤونه تزداد سوءا ً يوما ً بعد يوم ، وإنه يفضل الموت لهذا السبب على حياة حافلة بالألم ورد الاستاذ على تلميذه برسالة كلها تشجيع وحث على الإنتاج والعمل ، وتنبض كلماتها بالتفاؤل والأمل ، وقال إنه يقدر مواهبه ويعرف أنه شديد الذكاء ، سديد التفكير جريء مقدام ، قادر على أن يقوم باعظم الأعمال وأكبرالمشروعات ، وأنه لا يشك لحظة واحدة في أن هناك مستقبلا ً باسما ً ينتظره ، وحياة حافلة بالمجد والجاه وفي ختام الرسالة ، عرض الاستاذ على تلميذه السابق وظيفة مدرس في المدرسة التي يعمل بها فكانت تلك الكلمات الطيبة المطمئنة كافية لأن تكون نقطة تحول في حياة الشاب اليائس غيرت مجرى حياته تغييرا ً تاما ً ، ففتحت أمامه أبواب الأمل والعمل ، بل لقد كان أكبرالأثر في تطور تطور أدب بلاده نفسه بالقرن العشرين فمنذ اللحظة التي تلقى فيها الشاب رسالة أستاذه القديم أخذ يكتب ويؤلف حتى بلغ ما ألفه سبعة وسبعين كتابا ً ربح منهما أكثر من مليون من الجنيهات!
ولم يكن هذا الشاب سوى الكاتب العظيم والاديب الفيلسوف هـ . ح . ويلز
0 التعليقات:
إرسال تعليق