الأحد، 10 مارس 2013

الحدس intuition وكيفية تنميته لديك؟


الحدس intuition وكيفية تنميته لديك؟


هل فكرت يوماً فى أن شيئاً جيد أو سئ سيحدث وحدث بالفعل؟.. أو ألغيت مشروعاً 

أو أمراً ما بدون سبب محدد لشعورك بخطب فيه، وأكتشفت بعد ذلك أن آثاره على 

حياتك إذا نفذ كانت ستكون وخيمةً؟.. أو قررت قراراً لا يستند على قناعاتك 

لإحساسك الشديد بالراحة تجاهه ووجدت بعد ذلك أن قرارك كان صائباً وفي محله؟..

إذا حدث ذلك لك ، فأنت بالفعل قد أختبرت الحدس ...


إن الحدس معرفة غريزية أو فطرية تأتينا بشكل تلقائي وعفوى أى طبقاً للسليقة ، 

فنحن لا نعرف كيف نتعرف على الأشياء أننا نتعرف عليها فحسب ، فهو نور 

البصيرة والإلهام الإلهى بداخلنا، هذا النور يشع من أرواحنا الرقيقة وتنطلق أشعته 

بالتعاطف القوى والرقيق مع الأشياء وتجنيب العقل والتفكير المنطقى، وإستجابة لأمر المرور لدخول هبات الرحمن وكملكه من عنده سبحانه.

ماهية الحدس intuition:

الحدس هو الإحساس الذي ينتابك تجاه أمر ما وكأن منبهاً يخبرك بشيء ما، مثل أن 

يأتيك حدس بأنك ستفوز بجائزة ويكون كذلك، فالحدس لديك بالفطرة، وهي صفة 

أولية لا تتطلب صفات أخرى لتكونها أو تبنيها.

الحدس ما هو إلا إتصال بوعينا الداخلى .. ويتشكل هذا الوعى من فطرتنا السليمة 

وخبراتنا ومعلوماتنا المتراكمة والمخزنة فى الذاكرة وفى العقل الباطن، فكلنا له 

حدسه بلا تفرقة، ولكن الكثيرين منا إهملوا إستخدامه وذلك لعدم إيمانهم بوجوده أو 

بقدرتهم على إستدعائه.

كيف نستدعى الحدس؟

نستدعى الحدس بشكل باطنى وعفوى فى حالة الوعى "اليقظة" أو فى حالة الحلم ، 


وذلك عندما تقف الأسئلة بداخلنا دون إجابات ، فنسئل وعينا وبصيرتنا الداخلية - 

دون أن نلاحظ - عن الإجابة الصحيحة – وفجأة – تظهر الإجابة الصحيحة ، والتى 

نظن أنها أتتنا دون سؤال لكننا بالفعل سئلنا وعينا الداخلى عن الإجابة برغبتنا 

القوية فى إيجاد حل للخروج من حالة الجهل أو حالة اللامعرفة.

فكل ما نحتاجه فى وعينا منذ ولدنا والحدس ما هو إلا ظهور هذا الوعى على السطح 


عبر إستدعائنا له ، فنحن نعرف أكثر بكثير مما ندرك ، فالله تعالى قد وضع كل ما 

نحتاجه من إجابات فى وعينا وفطرتنا الداخلية السليمة، وكل ما يحدث عند ظهور 

الحدس أننا نرجع بشكل مؤقت لهذا الوعى و لفطرتنا السليمة، والتى حجبناها فى 

السابق بالشك والتردد فى قدرتنا على إستدعاء الإجابات الصحيحة .. هذا الرجوع قد 

يكون نتيجة لتعاطف قوى مع الأحداث من حولنا، أو لرغبة ضاغطة وملحة فى 

المعرفة.


كيف نطور الحدس لدينا؟

وقد يتسائل بعضكم ولماذا نرغب فى تطوير الحدس لدينا .. نحن بخير هكذا؟! .. 


والإجابة أننا كبشر محتاجون لهذه الملكه بشدة للنجاح فى حياتنا، فإذ لم نقوم 

بتطوير حدسنا سنضطر لإتخاذ قراراتنا بناء على تفكيرنا المحدود والذى لا يستطيع 

إعطائنا الحقائق الكاملة عن الواقع الذى نعيشه.. أن حدسنا هو إستماع لتوجيه الله 

بداخلنا "لمرشدنا الخفى" الذى يأخذ بأيدينا، ولكى نستمع لهذا التوجيه الإلهى يجب 

أن نطور حدسنا بكل ما نملك من وسائل.



والآن أتخذ قرارك ..

هل تريد أن تطور الحدس لديك ؟! .. حاول إذاً من اليوم أن تستمع لمشاعرك بشكلاً 


صحيح ولا تتجاهل الرسائل الخفية التى تشعر بها بداخلك .. تعلم الإستماع لذاتك 

الداخلية (هدئ ذهنك) بإستخدام التأمل، وبعد الإستماع لتلك الرسائل عليك إستيعاب 

المعلومات التي تصلك بشكلاً جيد وإلا ذهبت تلك المعلومات منك وطارت في الهواء 

ولم تستطع الإستفادة منها، أجعل معك نوتة صغيرة سجل فيها إحاسيسك القوية 

تجاه أى شئ، وكلما شعرت بفكرة ملحة تخترق مجال عقلك وتفرض نفسها سجلها 

في مفكرتك، وكأنك تبني بيتاً من المكعبات ولكي ترى الشكل النهائي لهذا البيت 

عليك أن تجمع تلك المكعبات مع بعضها البعض وتحاول رصدها بشكل صحيح 

لتحصل على النتيجة المطلوبة.


وأعلم أن أصحاب الحدس الجيد بارعون فى قراءة مشاعرهم ويستشعرون ترددات 


أفكارهم بحساسية عالية ، فإذا صادفهم تردد مضطرب إنتبهوا لوجود مشكلة أو خللاً 

ما، وإذا صادفهم تردد هادئ لم يهملوا الإحساس بالراحة تجاهه.


يقول د. ياسر العيتي: "الحدس شعور.. والذين لا يتقنون قراءة مشاعرهم 


لايستطيعون استخدام حدسهم بشكل صحيح".

كما أن أصحاب الحدس الجيد يتميزون أيضاً بحدة وقوة الذهن ، فعند بحثهم عن 


نتيجة أو "حقيقة ما" ينظرون للمعلومات والخبرات السابقة لديهم ككتلة واحدة 

"ككل" ويستعرضونها بسرعة إذا أرادها الذهن ولكن بشكل غير تحليلى أو منطقى، 

أى يمكن أن تقول أنهم يكونون إنطباع واحد برؤيتهم الصورة ككل.

يقول ألكسي كاريل Alexis Carrel : (جميع الرجال العظماء لديهم هبة الحدس.. 

انهم يعرفون دون برهان أو تحليل ما هم بحاجة إلى معرفته).

(All great men are gifted with intuition.They know 

without reasoning or analysis, what they need to know.)

ولكي تصبح حدسي جيد يجب عليك كذلك أن لا تفقد الإتصال بروحك وماهيتك 

الحقيقية ، فالحدس هبة من الله تعالى لا يتقنها إلا المتصلون به .. فأنت لكى تتقن 

الحدس يجب أن تتواصل مع فطرتك وماهيتك الحقيقية ووعيك وإدراكك السليم 

تواصلاً جيداً، تواصل يخلو من العوائق فى مجال الإتصال، فلا تدع مجالاً لتذبذب 

قيمك ومفاهيمك ومبادئك، أو ترتدى أقنعة مشوهة لفكرك السليم وشخصيتك المؤمنة 

بربها.. فالروح تعرف ربها وتعرف طريقها القويم إليه، "فهي نفحة منه سبحانه" 

فلا تقف فى طريق إستنارتها وأتبعها دائماً حتى ترشدك للصواب.


نريد كلنا أن نكون "حدسيين" أليس كذلك ؟! .. ليس هناك بعد ما ذكرت فى السابق 


من قرائتك لمشاعرك والنظر للأمور ككل والرجوع لماهيتك آى قوانين أو قواعد أو 

آليات تستطيع أن تمشى عليها حتى تكون حدسى متى تشاء ووقتما تشاء، فهو قدرة 

إلهامية وومضات نورانية مستمدة من الوعى الإلهى، فالله تعالى قد يخص أحد عباده 

بمعرفة ما ينفرد بها عمن سواه وفقاً لمشيئته سبحانه ولحكمة لا يعلمها إلا هو، 

تبارك الله علام الغيوب.

يقول الأمام الغزالي رحمه الله عن الحدس : "هو نور يقذفه الله في القلب فتصفو 


النفس ويدق الحس ويرق القلب وتنقشع الغمامة وحينئذ يحدث الإشراق" .

وأقول بفكري المتواضع : "هو نور وعينا الذى حجبناه، بقطع الإتصال مع أرواحنا 


وجذورنا الطيبة والتى كانت تصلنا بقبس من الوعى الإلهى ورضى الرحمان ".

فكيف نتوقع الإشراق مالم تشرق بداخلنا مفاهيم الجمال والحسن والصدق والأمانة 


ومكارم الأخلاق؟! ، وكيف نتوقع أن يرق القلب إذا كانت قلوبنا قد تحجرت بيننا 

وبين أقرب الناس إلينا؟! ، وكيف تصفو النفس وهى مليئة بأدران المشاعر من غل 

وحقد وضغائن؟!.

أننا لكى نكون "حدسيين" يجب أن نرجع لماهيتنا ووعينا الصحيح وفطرتنا السليمة 


ونثق بها ونتعاون معها ليحدث الإشراق .. وليلتفت لنورنا الرحمن فيزيدنا نوراً 

وأشراقا.


وبالنقاط التالية بإمكانك تطويره :

أولاً: كن مرنًا ومنفتحًا لكل الأفكار والاحتمالات واتجاهات التفكير. إن المحرومين 


من الاستفادة من حدسهم هم أولئك الذين يعتقدون أنهم وصلوا إلى الحل النهائي 

والفكرة النهائية والقرار النهائي الصائب الذي لا يتخلله أي شك، وبالتالي لن يلقوا 

أي بال لأي فكرة أو خاطرة جيدة.

ثانيًا: اصرف انتباهك دائمًا إلى تلك الإشارات التي يرسلها حدسك عندما تكون قريبًا 


من اتخاذ قرار ما أو حدث جديد أو عند التعرف على شخص ما.. راقب أفكارك 

وخواطرك حتى أحلامك حول هذا الأمر.. لا تهمل أي عرض جسدي طارئ مهما كان 

خفيفًا. هذه بعض العبارات التي يعبر بها بعض الناس عن الحدس الذي يأتيهم:
- «فجأة برقت صورة كبيرة أمام عيني».

- «سمعت صوتًا داخليًا يخبرني بـ».
- «شعرت بارتياح داخلي ويقين حول هذا الأمر».
- «لا أدري لكني شعرت نفسي مدفوعًا في هذا الاتجاه».
وهكذا العشرات من العبارات التي تعبر عن الحدس والتي تتطلب منا في البداية أن 

نعطيها انتباهنا.

ثالثًا: اطلب من حدسك المساعدة: فمن الخطأ أن نعتقد أن الحدس يأتي بشكل عفوي، 


والواقع أن طلب المساعدة قد تمدك بالمزيد من البصيرة التي تحتاجها.
كرر على نفسك: (ما الذي يجب أن أفعله في هذه الوضعية؟)، (ماذا أحتاج أن أعرفه 

أكثر؟ وأقوم به أكثر؟). لاحظ أنك قد لا تجد الإجابة بشكل مباشر بل قد تأتي على 

شكل فكرة أو خاطرة بعد فترة وأنت منخرط بعمل آخر بعيد تمامًا عن ذلك الحدث.. 

وقد يأتي كما هو معروف في الحلم أثناء نومك..!

ثالثًا: عندما تكون على أبواب قرار مهم وبعد أن طلبت من حدسك المدد، خصص 

ملفًا على كمبيوترك أو دفترًا صغيرًا واكتب فيه كل ما يأتيك من صوت داخلي على 

شكل أفكار، وخواطر، وصور ذهنية، وأعراض جسدية خفيفة، ومشاعر مختلفة تجاه 

هذا الحدث أو هذا القرار، واحرص على العودة إليها بين حين وآخر.

صدقني أنك ستندهش من الأفكار التي ستكشف لك أثناء هذه الكتابة وكيف ستحدث 

فرقًا في فهمك للحدث وبالتالي اتخاذك للقرار الصحيح بعون الله وفضله.

رابعًا: درب حدسك بأن تكرر استخدامه في الحكم على الأشخاص والأحداث، ثم 


تحقق من صحته، كأن تطلب من شخص لديه اطلاع على الحدث أو معرفة بالشخص 

بأن يعطيك رأيه حول حدسك (تغذية راجعة) أو اختبر صدق حدسك بما يتكشف لك 

من نتائج فيما بعد. (شعرت بأن ما يقوله فلان ليس صحيحًا، وهذا ما تبين لي فيما 

بعد ومن ذلك أيضًا توقع الأحداث مهما كانت صغيرة (من سيكون المتصل الآن على 

الهاتف؟) أو كبيرة ثم انظر ما مدى صحة توقعك هذا، وابتسم في داخلك عندما 

تخطئ!


خامسًا: تعرف على نمط حدسك المعتاد والوقت الذي يأتي فيه. إذ إن لكل منا نمطًا 

خاصًا للحدس كأن يأتيه على شكل صور أو خواطر أو أفكار أو أحلام أو غير ذلك.

سادسًا: اطلب من الله المعونة في حدسك.. الجأ إليه أن يلهمك القرار الصائب 


والموقف الصحيح. ولست أرى صلاة الاستخارة التي نقوم بها قبل اتخاذ قرار هام أو 

الدخول في مشروع ما إلا ضربًا من الحدس بمعونة ربانية..!

سابعًا: اقتطع من وقتك أو كل أسبوع ساعة لممارسة الرياضات والنشاطات التي 


تأخذ طابع التكرار والإيقاعية كالسباحة والمشي ووقت مخصص للتأمل والتفكر 

حيث تحرر عقلك من التفكير والتحليل فيما يشغل بالك.. وللأسف فإن التأمل والتفكر 

عبادة مهجورة رغم حث القرآن عليها. مثل هذه الأوقات هي أوقات ذهبية للتواصل 

مع الذات والاستفادة من الحدس.

ثامنًا: تذكر أن جزءًا من الحدس قد يكون له دوافع خفية ستؤثر حتمًا على صحة هذا 


الحدس كما شرحت سابقًا.. تأكد وأنت تتفحص حدسك أنه ليس متأثرًا بتجربة 

سابقة أو بانحياز طبقي أو عرقي أو ديني أو بتجربة عاطفية فهذه العوامل قد تقودك 

إلى حدس خاطئ.

تاسعا: تذكر أن الحدس هو إشارة أو إنذار كي تقف للحظة وتراجع نفسك أو بريق 


فكرة تلمع في ذهنك قد تدلك على طريق جديد أو وسيلة مبدعة لكنه في كثير من 

الأحيان لا يكفي وحده لاتخاذ قرار أو موقف.

تمرين بسيط لتطوير الحدس لديك:

- إجلس فى مكان هادئ واسترخى لمدة من الزمن كما يروق لك.

- دع الأفكار جانباً ومشاغل الحياة اليومية، وحاول أن تلتزم الهدوء مع نفسك 


وتتنفس بعمق.

- غوص فى أعماق ذاتك وراقب تنفسك حتى لا تستطيع سماع صوته ، فأنت الآن 


تذهب لمنطقة ما وراء الصوت وماوراء الشعور، أنها منطقة "اللاشئ".

- حاول الآن أن تسأل نفسك سؤال واحد، وقم بتخيل مرشدك الداخلى يتحدث إليك 


وأطلب إستشارته، وأنتظر منه الإجابة.

- تقمص الشخصية الحدسية ، وأقنع عقلك أنك الآن تفكر بشكل حدسى فى سؤالك 


وأخبره أنك سوف تتلقى الآن إن شاء الله إجابة مبهرة وقوية على سؤالك.

- لاتلح فى طلب إجابتك ، بل أشعر بالراحة والأمان وأن العون قادم فى طريقه إليك 


بمشيئة الله.

- كرر هذه الجلسة مع نفسك عدة مرات حتى تتعود الدخول لنفسك وسؤالها وتلقى 


الإجابات.


ملاحظه : الحدس ليس له علاقه بالعلم بالغيب :)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More