الثلاثاء، 19 فبراير 2013

كيف تستطيع نسيان من تحب دون أن تصاب بمرض نفسى؟


يسال أحد القراء كيف يمكن أن ننسى من نحب، ولماذا نتعرض للاكتئاب عندما نمر بهذه المرحلة، ولماذا يكون النسيان صعبا علينا ونجد عناءً شديدا ربما يصل لأزمة نفسية عند محاولة النسيان؟

يجيب الدكتور محمد الحديدى أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة المنصورة قائلا: كل منا قد مر فى مرحلة من مراحل حياته بحالة من الحب التى لم يكتب لها الاستمرار والنجاح، ومع الفشل فى هذه العلاقة يدخل المحب فى حالة من الضيق والحزن وفقد الأمل وتذكر المحبوب والأحداث المرتبطة به قد تستمر هذه الحالة لفترة قصيرة وتمتد لفترات طويلة قد تصل إلى سنوات وبها لا يستطيع المحب أن ينسى من يحبه وأن يقف التفكير فيه وهنا يظهر التساؤل لماذا كثير من المحبين لا يستطيعون أن يتناسوا من كانوا يحبونهم؟

فى إحدى الدراسات الحديثة أجريت على المحبين وجد أن هناك نقصا فى تركيز السيرتونين بالمخ، والسيرتونين هو موصل عصبى له عديد من الوظائف النفسية وهو مسئول عن عدد من الاضطرابات النفسية ومنها الاكتئاب والقلق والوسواس القهرى والاضطرابات الجنسية، وبملاحظة ما يحدث فى مرض الوسواس القهرى والذى يشترك مع الحب فى نقص من تركيز السيرتونين فى المخ نستطيع أن نجيب على السؤال السابق طرحه "لماذا يصعب نسيان من كنا نحب؟ فنحن ننسى المعلومات التى لا نستخدمها مثل نسيان المعلومات التى درسناها فى مراحل التعليم الدراسية المبكرة من حياتنا لعدم استخدامها حاليا، لذا لكى ننسى من كنا نحب يجب أن نبعد عن ذهننا أى شوء يذكرنا به وهذا ما يصعب عمله وذلك لانخفاض تركيز السيرتونين بالمخ والذى تظهر معه أعراض مشابه لأعراض الوسواس القهرى. فمرض الوسواس القهرى يكون العرض الرئيسى هو الوسواس الذى يمكن تعريفه بأنها فكرة أو ذاكرة أو كلمة أو منظر خاطئ أو غير محبب لى يعلم المريض أنه يجب ألا يفكر فيه ولكنه لا يستطيع إيقاف التفكير فيه ويصبح مقهور على الاستسلام لهذه الأفكار برغم من خطأها وغرابتها أحيانا. وهذا تقريبا ما يحدث عندما تنتهى علاقة حب بالفشل ونعلم أنه ليس هناك أى أمل فى استعادة هذه العلاقة وبرغم ما حدث من الألم تسبب فى إنهاء هذه العلاقة وبالتالى من المنطقى فإننا نرغب فى عدم التفكير فيها مجدداً ونسيانها تماما إلا أننا نجد أنفسنا مقهورين على التفكير فى المحبوب.

ويمكن استخلاص أن العلاج قد يكون متشابه أيضا فى الحالتين "نسيان الحب المفقود والوسواس القهرى". فعلاج الوسواس القهرى مثله مثل كافة الأمراض النفسية الأخرى يعتمد على العلاج السلوكى لتشتيت التركيز على الفكرة وإدخال أفكار بديلة والتحكم فيها بطرق سلوكية والعلاج الدوائى بمضادات الوسواس التى تعمل على زيادة تركيز السيرتونين بالمخ. وبالمثل يمكن القول أن علاج عدم القدرة على نسيان الحب المفقود يعتمد على مجموعة من السلوكيات التى يجب اتباعها ومنها: لا مانع من أن نستغرق بعض من الوقت فى البكاء على الأحلام والآمال والمشاعر الطيبة، ولكن لا تبكِ على الشخص نفسه ولا تقل لنفسك إنك أصبحت أضعف أو أنك محرج لأنك تبكى، لابد أن تعرف أن البكاء فى هذا الوقت طبيعي، بل إنه شىء جيد، لأنك عندما تبكى تجعل جزءاً كبيرا من التوتر والقلق ينتهى، وتشعر أن كثيراً من الحمل والعبء قد خف من عاتقك. ولكن لا تنسى نفسك فى هذه المرحلة لفترة طويلة فيجب أن تنتهى هذه المرحلة فى أقرب وقت، وتبدأ فى المراحل التالية. أما عن الخطوة التالية فالشخص الذى كنت تحبه كان يشغل نسبة كبيرة جدا من وقتك يوميا (تماما كما يشغل الوسواس القهرى معظم تفكير الشخص طوال النهار) وحتى تنسى أحد وتزيله تماما من رأسك يجب أن تضع أشياء أخرى مكان الفراغ الذى تكون بعد إزالة هذا الشخص من رأسك. وبتعبير آخر لابد أن تكون مشغولا جدا، وليس المهم بأى طريقة، ولكن المهم ألا يكون هناك وقت للتفكير فى الماضى.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More